Skip to main content

خاص| مفاوضات حرب غزة: خطوة فلسطينية للأمام وإسرائيلية للخلف 

26 كانون الأول 2024
https://qudsn.co/خاص| مفاوضات حرب غزة: خطوة فلسطينية للأمام وإسرائيلية للخلف 

غزة - خاص قدس الإخبارية: يخيّم التفاؤل الحذر على أجواء نقاشات التفاوض غير المباشر بين المقاومة، والاحتلال الإسرائيلي عبر الوسطاء "القطري، والمصري، والأمريكي" بعدما أصدرت حركة حماس بيانًا مقتضبًا قالت فيه إن شروط الاحتلال الجديدة، أدت إلى تأجيل التوصل للاتفاق الذي كان متاحًا، فيما وصف مكتب رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو - حماس بأنها تضع الصعوبات أمام المفاوضات. 

جاء ذلك بعد أجواء إيجابية أحاطت جولات التفاوض منذ مطلع الشهر الجاري، حيث وصفت التسريبات الإعلامية بأن المفاوضات وصلت مراحلها الأخيرة، خاصّة وأن حماس في بيان مشترك مع الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية، أصدرت بيانًا في الواحد والعشرين من الشهر الجاري، أكّدوا فيه "أن إمكانية الوصول إلى اتفاق باتت أقرب من أي وقت مضى إذا توقف العدو عن وضع اشتراطات جديدة".

ثمّ أصبحت الخطوات نحو الاتفاق متقدمة فلسطينيًا، إلا أن الوفد الإسرائيلي الذي غادر العاصمة القطرية، الدوحة قبل أمس، عاد لبحث تفاصيل الاتفاق وسط أنباءً عن تراجع إسرائيلي لخطوات إلى الخلف فيما اتفق عليه مبدئيًا. 

يرى المحلل السياسي، سليمان أبو ستة في حديث مع "شبكة قدس" أن إتمام الصفقة كان قريبًا جدًا في الأيام الماضية، قبل أن يضع الاحتلال شروطًا جديدة يطالب فيها بأن، تسلّم حماس قائمة بأسماء الأسرى الإسرائيليين الذين هم بحوزتها (علمًا أن حماس وافقت على تقديم القائمة بعد أسبوع من بدء وقف إطلاق النار)، إضافة لشرط إدراج 11 أسيرًا عسكريًا في المرحلة الأولى، والذين لا تنطبق عليهم شروط صفقة تبادل الأسرى المقررة في المرحلة المرتبطة بالصفقة الإنسانية (أيّ صفقة تبادل نساء وكبار سن ومرضى) وذلك بحجّة أنهم أسرى مصابون، فيما ترفض المقاومة هذه الشروط لأنهم أسرى مجنّدون عسكريًا وليسوا مدنيين.

ويعتقد أبو ستة أن الهدف من هذه الشروط هو تحقيق المزيد من المكاسب على حساب المقاومة، مثل استعادة أكبر عدد ممكن من الأسرى الإسرائيليين تمهيدًا لاحتمالية استئناف الحرب، وهو ما قد يقلل من الضغط الشعبي على نتنياهو نتيجة إنقاص عدد الأسرى لدى المقاومة. رغم ذلك، يصمم وفد حماس التفاوضي على رفض هذه الشروط، خاصة أنهم أبدوا مرونة وتنازلات واضحة يصعب عليهم إبداء تنازلات أخرى. ولفت أبو ستة أن جولات التفاوض السابقة كان واضحًا خلالها أن نتنياهو لا يريد التوصل إلى صفقة تبادل أسرى، بينما المرحلة التفاوضية الحالية كانت مختلفة نظرًا للحوار المتقدم الذي حلّ عديدًا من القضايا الخلافية السابقة ولم يبق فيها سوى تفاصيل يمكن تجاوزها، بعد الاتفاق على مرحلية الانسحاب من محوري نتساريم وفيلادلفيا في المرحلتين الأولى والثانية، مع عودة النازحين إلى شمال القطاع دون تفتيش إسرائيلي. 

واعتبر أبو ستة أن نتنياهو يبحث عن اتفاق يفضي لتطبيق المرحلة الأولى فقط، بشكل يعيق الوصول إلى المرحلة الثانية بحجّة عدد الأسرى المتبقي القليل، ويمكّن نتنياهو من العودة إلى التصعيد العسكري، وهذا ما ترفضه المقاومة. مبينًا أنه لا يمكن الجزم بتعطل المفاوضات كاملةً قبل أن يظهر بشكل أوضح موقف نتنياهو حيث أن المرحلة الجارية هي أقرب مرحلة لإتمام صفقة. 

وعن سؤال "شبكة قدس" حول السيناريوهات المستقبلية، أشار أبو ستة إلى أنها تعتمد بشكل كبير على نتنياهو وشركائه السياسيين. قائلًا: "إذا لم يهدد شركاء نتنياهو بإسقاط الحكومة، قد نشهد تقدمًا نحو الصفقة التي كانت مؤخرًا قريبة جدًا، أما إذا هددوا بإسقاط الحكومة، فقد يتراجع نتنياهو عن التوصل إلى اتفاق، خاصة مع مواجهته قضايا قانونية قد تلاحقه لاحقًا". 

وحول توجيه ضربات إسرائيلية خارجية وعلاقتها بتعطيل المفاوضات، أجاب أبو ستة: "يدرك بعض قادة الاحتلال أن أي تصعيد عسكري خارج قطاع غزة في اليمن أو إيران، لن يحل مشكلة  الأسرى لدى المقاومة، فمحاولة استعادة قرابة 100 أسير عبر عمليات عسكرية في غزة أو خارجها تبيّن أنها غير مجدية. ومع ذلك، استمرار الضغط على المقاومة والشعب الفلسطيني يجعلهم يتمسكون أكثر بمواقفهم، لأن ورقة الأسرى هي الورقة الأقوى بيد المقاومة، ولا يمكن إنهاء الحرب إلا من خلالها".

غير أن قراءات سياسية أخرى أشارت إلى أن القيادة الإسرائيلية الحالية لا تسعى للوصول إلى صفقة تبادل، لا سيما عقب التصريحات المرتبطة باحتمالية توجيه ضربة إسرائيلية على جماعة أنصار الله "الحوثي" في اليمن، أو ضربة موّجهة إلى إيران. ما يعني أن نتنياهو يحاول الهروب إلى الأمام وعرقلة تقدم المفاوضات بحجّة وجود جبهة قتالية في إيران أو اليمن، وفق ما يقول الباحث في الشأن الإسرائيلي، صلاح العواودة في حديث مع "شبكة قدس".

وأشار العواودة إلى أن أولويات النقاش الإسرائيلي الداخلي تحوّلت خلال اليومين الماضيين من الحديث عن الصفقة إلى التركيز على التصعيد ضد إيران واليمن، مما يظهر تبدلًا في أجندة نتنياهو، حيث اقترح رئيس الموساد الإسرائيلي استهداف إيران مباشرة بدلًا من الحوثيين، فيما يرى نتنياهو العكس، ما يعني بدء استخدام ملفي إيران واليمن كذريعة لتأجيل الصفقة بحجّة أن وقف الحرب في غزة من خلال الصفقة لا يعني تحييد قوة جماعة أنصار الله "الحوثي" التي تستمر في توجيه ضربات نحو الأهداف الإسرائيلية، ولا يجب وقف الحرب قبل إنهاء ملف المواجهة مع "الحوثي". ولهذا بات النفاش الإسرائيلي يحوم حول تنفيذ اغتيالات في اليمن أو ضربة استباقية في إيران. 

وأرجع العواودة سبب عرقلة الوفد الإسرائيلي للمفاوضات، إلى ضغوط إسرائيلية يمينية داخلية من الوزيرين بتسلئيل سموتريتش، وإيتمار بن غفير، ووزراء آخرين داعمين لاستمرار الحرب، ولأسباب أمريكية مرتبطة باحتمالية وصول إشارات أمريكية من إدارة الرئيس القادم دونالد ترامب، توحي بأنه غير متعجّل نحو إبرام صفقة في قطاع غزة، أو إلى إمكانية تأجيل إتمام الصفقة بعد وضوح تفاصيل الاتفاق، إلى ما بعد تسلّم ترامب زمام سلطة والحكم وتقديم الاتفاق كونه متفق عليها مبدئيًا في هذه المرحلة، كهدية لحكم ترامب الجديد، على أمل تحقيق مكاسب إسرائيلية في مواقع أخرى. 

كما يهدف نتنياهو من استراتيجية المماطلة إلى الضغط على حماس بهدف تحقيق صفقة مذلة دون المستوى المطلوب فلسطينيًا، أو الذهاب إلى معركة أوسع إذا لم يتمكن من ذلك، وفق العواودة. مضيفًا أن السيناريو الأقرب حاليًا هو استمرار التصعيد، خاصة أن نتنياهو وتحالفه يرون أن التهدئة ليست في صالحهم سياسيًا، وسط غياب الضغط العربي والدولي.

للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا